د. حازم مطر
في احد الأبحاث التي أجريتها علي المجتمعات الافتراضية, اكتشفت ان هناك العديد من الأشخاص الذين لديهم شخصية افتراضية مغايرة للشخصية الطبيعية تماما أو في أمور معينة, والقاعدة الاجتماعية هنا الاختلاف بين الشخصية الطبيعية والشخصية الافتراضية, ومن المؤكد ان هناك اختلاف بين الشخصية الطبيعية والشخصية الافتراضية.
فالشخصية الافتراضية قد تخالف الشخصية الطبيعية في التفاعل مع الآخرين مثل الذي يجامل شخصا ما افتراضيا لكنه في الواقع يكره هذا الشخص, أو الشخص الذي يستعرض سلبياته فقط افتراضيا لكنه في الواقع لديه ايجابيات بجانب تلك السلبيات, أو الشخص الذي يستعرض نقاط قوته فقط بالرغم من انه واقعيا لديه نقاط ضعف.
والشخصية الافتراضية تحاول تجميل نفسها من خلال الصور أو المنشورات أو التعليقات, وهذا يدل ان للإنسان حياة افتراضية خاصة مختلفة عن حياته الطبيعية, وإذا كان الانفصام مرضا فأن الشخصية الافتراضية أيضا مرضا, فنري من يختفي وراء اسما وهميا أو صورة غير حقيقية, والهروب من الواقع هنا حقيقي لثقة الإنسان في الآلة حيث ان الآلة لا تفضح أمره أو تنتقضه فيشعر معها بالأمان النفسي, ويتطور الأمر حتي يصل إلي الانعزال التام أو الجزئي عن الواقع, حتي يصبح هو جزء من المجتمع الافتراضي وليس المجتمع الافتراضي جزء من حياته.
والصدمة الكبرى هي خيانة الآلة للإنسان, حيث سيأتي يوما ما وتتخلي الآلة عن الإنسان وتتركه وحيدا بعدما أصبح يعتمد عليها في كل أمور حياته, حتي تنهار البشرية وتعود للحياة البدائية كما بدأت, وكما تناولت ذلك في كتاب العبودية الجديدة ان خيانة الآلة ستكون مرة واحدة علي الرغم من بدايتها تدريجيا.
وللأسف الأجيال التي تعاصره خيانة الآلة لن تري هذا الكلام لأنه مكتوب افتراضيا, كل تحياتي للكائنات الافتراضية.